يُعد انسداد القناة الدمعية من المشكلات الشائعة التي قد تصيب كلًّا من الأطفال والبالغين على حد سواء، وتؤدي إلى أعراض مزعجة مثل كثرة الدموع، والتهاب العين المتكرر، والشعور بالحرقة. ويعود هذا الانسداد إلى عدة أسباب تختلف حسب المرحلة العمرية، فقد يكون خلقيًا عند الرضع أو ناتجًا عن العدوى أو إصابة العين في الكبار. من خلال هذا المقال من خلال موقع دكتور محمد مشهور استشاري طب العيون في الرياض نستعرض الأسباب المحتملة، وأهم طرق التشخيص، وخيارات العلاج المتاحة للتعامل مع هذه الحالة بكفاءة.
اسباب انسداد القناة الدمعية عند الكبار والاطفال
انسداد القناة الدمعية هو حالة تحدث نتيجة خلل في تصريف الدموع من العين إلى الأنف، ويمكن أن تصيب الأشخاص في مختلف الأعمار، بدءًا من حديثي الولادة وحتى كبار السن. وتتعدد أسبابه ما بين العوامل الخلقية والمكتسبة، وفيما يلي تفصيل لأهم الأسباب:
انسداد القناة الدمعية للرضع (الانسداد الخلقي)
يُولد العديد من الأطفال بقناة دمعية غير مكتملة النمو أو مسدودة، وهي من أكثر الأسباب شيوعًا في مرحلة الطفولة المبكرة. في أغلب الحالات، يكون الانسداد ناتجًا عن وجود غشاء رقيق يغلق الفتحة التي تصب في الأنف (القناة الدمعية الأنفية)، مما يمنع تصريف الدموع بشكل طبيعي. وغالبًا ما يتحسن هذا الانسداد تلقائيًا خلال الأشهر الأولى من عمر الطفل.
العدوى والالتهابات المزمنة
يمكن أن تتسبب العدوى البكتيرية أو الفيروسية المتكررة في العين، الجيوب الأنفية، أو الأنف، في حدوث التهابات مزمنة تؤثر على القناة الدمعية. بمرور الوقت، قد تؤدي هذه الالتهابات إلى تضيق أو انسداد تام في مجرى تصريف الدموع.
العوامل المناعية والاضطرابات الالتهابية
بعض أمراض المناعة الذاتية، مثل متلازمة شوغرن أو الساركويد، قد تؤثر على الغدد والقنوات الدمعية وتسبب التهابات تؤدي إلى انسدادها.
التغيرات المرتبطة بالعمر
مع التقدم في السن، تحدث تغيرات طبيعية في أنسجة الجسم، ومنها القنوات الدمعية، حيث قد تصبح أضيق أو أقل مرونة، مما يزيد من احتمالية الانسداد. كما أن ضعف عضلات الجفن المصاحب للتقدم في العمر قد يؤثر أيضًا على وظيفة تصريف الدموع.
الإصابات والرضوض
قد يؤدي التعرض لإصابة مباشرة في الوجه أو الأنف أو منطقة ما حول العين إلى كسر أو تلف في العظام أو الأنسجة القريبة من القناة الدمعية. هذه الإصابات قد تُحدث ندبات أو تشوهات تؤدي إلى انسداد دائم في المسار الطبيعي لتصريف الدموع.
الأورام
وجود ورم في الأنف، الجيوب الأنفية، أو بالقرب من مسار القناة الدمعية قد يضغط على هذا المسار أو يغلقه كليًا. سواء كانت هذه الأورام حميدة أو خبيثة، فإنها تُعد من الأسباب النادرة ولكن الخطيرة لانسداد القنوات الدمعية.
الاستخدام الطويل لبعض أنواع قطرات العين
في بعض الحالات، قد يؤدي الاستعمال المزمن لقطرات معينة، مثل تلك المستخدمة في علاج المياه الزرقاء (الجلوكوما)، إلى تغيرات في نسيج القناة الدمعية وانسدادها.
العلاج الإشعاعي
العلاج الإشعاعي لمنطقة الرأس والعنق، أو بعض أدوية العلاج الكيميائي، قد يؤدي إلى تلف الأنسجة المحيطة بالقناة الدمعية، مسبّبًا انسدادًا جزئيًا أو كليًا كأثر جانبي للعلاج.
العمليات الجراحية في الوجه أو الأنف
قد تؤدي بعض الإجراءات الجراحية، مثل جراحة الجيوب الأنفية أو عمليات تصحيح الحاجز الأنفي، إلى إصابة غير مقصودة في القناة الدمعية أو أنسجتها المحيطة، مما يتسبب في انسدادها.
علاج انسداد القناة الدمعية للرضع والكبار
يختلف علاج انسداد القناة الدمعية باختلاف عمر المريض، وسبب الانسداد، وشدّته. وتشمل الخيارات العلاجية مجموعة من الوسائل التي تبدأ من التدخلات البسيطة كالتدليك واستخدام القطرات، وصولاً إلى العمليات الجراحية في الحالات المزمنة أو الشديدة.
أولًا: علاج انسداد القناة الدمعية للرضع
في معظم حالات انسداد القناة الدمعية للرضع، يكون الانسداد خلقيًا ويزول من تلقاء نفسه خلال السنة الأولى من حياة الطفل. ومع ذلك، يمكن اتباع بعض الإجراءات للمساعدة على فتح القناة:
تدليك القناة الدمعية (تدليك كيس الدمع): يُوصى به للأطفال حديثي الولادة، حيث يُساعد التدليك بلطف فوق زاوية العين الداخلية (باتجاه الأنف) على فتح الانسداد تدريجيًا. يُنصح بإجرائه عدة مرات يوميًا بعد استشارة طبيب العيون.
استخدام قطرات ومراهم مضادة حيوية: تُستخدم عند وجود علامات عدوى أو إفرازات صفراء من العين. وتُساعد على منع الالتهاب حتى زوال الانسداد تلقائيًا.
التدخل الجراحي البسيط (التوسيع والغسل – Probing): في حال استمرار الانسداد بعد بلوغ الطفل عمر 12 شهرًا، قد يُجري طبيب العيون إجراءً بسيطًا لفتح القناة باستخدام أدوات دقيقة تحت التخدير.
ثانيًا: علاج انسداد القناة الدمعية عند الكبار
في البالغين، يكون الانسداد عادة مكتسبًا ويحتاج لتدخلات مختلفة بحسب السبب:
العلاج الدوائي والداعم:
قطرات المضادات الحيوية الموضعية: تُستخدم لعلاج ومنع العدوى البكتيرية المصاحبة لانسداد القناة، خاصة إذا ظهرت إفرازات أو احمرار أو تورم في زاوية العين.
المضادات الحيوية الفموية أو الحقن: في حالات الالتهاب القيحي الحاد أو إذا كان الجفن بأكمله منتفخًا، قد تُستخدم مضادات حيوية عن طريق الفم أو الحقن لعلاج العدوى وتقليل المضاعفات.
تصريف القيح جراحيًا: يُلجأ إليه إذا تكون خراج أو كيس صديدي في منطقة الكيس الدمعي، ويُساعد على تخفيف الألم وتقليل الضغط والالتهاب.
الجراحة لعلاج انسداد القنوات الدمعية:
عند فشل العلاجات الدوائية أو في الحالات المزمنة، تُعتبر الجراحة هي الحل الأساسي، وتنقسم إلى نوعين:
الجراحة التقليدية:
عملية انسداد القناة الدمعية يُجري الجراح فتحة صغيرة على جانب الأنف للوصول إلى الكيس الدمعي وربطه مباشرة بالتجويف الأنفي، مما يسمح بتصريف الدموع، عيوب الجراحة التقليدية تترك ندبة ظاهرة على الوجه، ولا تُناسب المرضى الذين يعانون من التهابات حادة في الجلد المحيط.
الجراحة بالمنظار :
تُجرى بدون شق خارجي، حيث يُستخدم منظار داخلي للوصول إلى موضع القناة الدمعية من داخل الأنف، من أهم المزايا لا تترك أي ندوب ظاهرة، فترة شفاء أسرع، يمكن إجراؤها حتى مع وجود تورم أو التهاب، رؤية أفضل لموقع الجراحة، مما يحسن نتائج العملية.
قبل الخضوع للجراحة، يجب على المريض إجراء فحص شامل لدى طبيب العيون، لتحديد مدى الانسداد وأفضل خيار علاجي. وفي بعض الحالات، يُجرى التصوير الإشعاعي أو تنظير القنوات لتحديد الموقع الدقيق للانسداد.
في حال وجود انسداد مزمن بالقناة الدمعية بالتزامن مع أمراض أخرى في العين مثل جراحة المياه البيضاء (الساد) أو الشبكية، يجب معالجة انسداد القناة أولًا قبل أي تدخل آخر. عدم علاج الانسداد قد يزيد من خطر دخول العدوى إلى داخل مقلة العين، مما يُهدد البصر.
كيف تعمل القنوات الدمعية؟
تبدأ عملية تصريف الدموع من الغدة الدمعية الموجودة أعلى كل عين، حيث تُنتج الدموع التي ترطّب سطح العين وتُصرف تدريجيًا عبر فتحات صغيرة تُعرف بالنقاط الدمعية في الجفنين العلوي والسفلي. تمر الدموع بعد ذلك عبر أنابيب صغيرة تُدعى “النفيقات” إلى الكيس الدمعي، ثم إلى القناة الدمعية الأنفية التي تنقلها إلى داخل الأنف حيث يُعاد امتصاصها، عند حدوث انسداد في أي نقطة من هذا المسار، سواء في الفتحات أو القنوات أو الكيس الدمعي، تتراكم الدموع وتخرج على شكل إفرازات ظاهرة، مع احتمال تطور الالتهاب والعدوى.
اعراض انسداد القناة الدمعية
- زيادة إفراز الدموع بشكل ملحوظ ومستمر
- احمرار العين وخاصة في الجزء الأبيض منها
- تورم مؤلم في الزاوية الداخلية للعين
- تكرار العدوى أو الالتهاب (مثل العين الوردية)
- ظهور قشور على الجفون عند الاستيقاظ
- خروج إفرازات مخاطية أو صديدية من العين
- تشوش الرؤية بسبب تجمع الدموع والإفرازات
تجربتي مع انسداد القناة الدمعية العلاج مع د مشهور 
بدأت تجربتي مع انسداد القناة الدمعية حين لاحظت وجود دموع مستمرة في عيني، مع إحساس بعدم الراحة، خاصة عند التعرّض للهواء أو أثناء القراءة. تطور الأمر لاحقًا إلى وجود إفرازات مخاطية، وأحيانًا صديد، يتجمّع في زاوية العين الداخلية.
قمت بإجراء اختبار بسيط في المنزل، وهو الضغط بلطف على الجزء الداخلي من العين بجوار جسر الأنف. ومع وجود انسداد واضح في القناة الدمعية، لاحظت خروج الدموع من زاوية العين، وكانت أحيانًا ممزوجة بمخاط أو إفرازات، وهو ما أكد لي ضرورة زيارة طبيب مختص.
خلال زيارتي إلى عيادة د. محمد مشهور، قام بإجراء فحص دقيق باستخدام أحدث التقنيات الطبية، لم أشعر بأي ألم خلال الفحص مع د. مشهور، حرص الطبيب على شرح كل خطوة بلطف، وأكد على أهمية أن أُبقي عيني مفتوحتين دون ضغط أثناء الفحص، مما ساعد على نجاح التشخيص بسهولة وسلاسة.
بناءً على التشخيص، أوصى د. محمد مشهور بالخطة العلاجية المناسبة لحالتي، مع التفكير في التدخل الجراحي بالمنظار لاحقًا في حال استمرار الأعراض. أنصح كل من يعاني من أعراض مشابهة بألا يتردد في زيارة طبيب عيون مختص، وخصوصًا د. محمد مشهور، نظرًا لخبرته الكبيرة في هذا النوع من الحالات واهتمامه بأدق التفاصيل في التشخيص والعلاج.
عوامل تزيد من احتمالية الإصابة بانسداد القنوات الدمعية
تتعدد العوامل التي قد تؤدي إلى ارتفاع خطر الإصابة بانسداد القنوات الدمعية، وتختلف هذه العوامل من شخص لآخر بناءً على العمر، والتاريخ المرضي، ونمط الحياة، وغيرها من المؤثرات الطبية. ومن بين هذه العوامل ما يلي:
العلاج الكيميائي أو الإشعاعي
العلاجات المستخدمة في محاربة الأورام، مثل العلاج الكيميائي أو الإشعاعي، قد تؤثر بشكل مباشر على القنوات الدمعية، خاصة إذا تم توجيه الإشعاع إلى منطقة الوجه أو الرأس. هذا النوع من العلاج قد يسبب تلفًا في الأنسجة الرقيقة التي تشكّل نظام تصريف الدموع، مما يؤدي إلى انسداد جزئي أو كلي في بعض الحالات.
الالتهابات المزمنة في العين
تُعد الالتهابات المستمرة أحد أبرز العوامل المؤثرة على صحة القنوات الدمعية. فالأشخاص الذين يعانون من التهابات متكررة مثل التهاب الملتحمة أو التهابات الجيوب الأنفية المزمنة، غالبًا ما تتأثر لديهم أنسجة القنوات الدمعية، مما يسبب تضيقها أو انسدادها مع مرور الوقت. ويمكن أن يؤدي ذلك إلى تجمع الدموع في العين وزيادة فرص الإصابة بالعدوى.
التقدم في العمر
تؤدي الشيخوخة إلى تغيرات طبيعية في أنسجة الجسم، بما في ذلك ضيق الفتحات الدقيقة المسؤولة عن تصريف الدموع. النساء بشكل خاص أكثر عرضة للإصابة بانسداد القنوات الدمعية مع تقدم العمر، نتيجة التغيرات الهرمونية وفقدان مرونة الأنسجة.
استخدام قطرات العين لفترات طويلة
الاعتماد الطويل على بعض أنواع قطرات العين، خاصة تلك المخصصة لعلاج الجلوكوما (المياه الزرقاء)، قد يؤدي إلى تغيّرات في بطانة القنوات الدمعية. هذه التغيرات قد تسبب تهيجًا مزمنًا أو تندبًا داخل القنوات، ما يعيق مرور الدموع بشكل طبيعي ويؤدي إلى انسدادها مع الوقت.
الجراحات السابقة في الوجه أو الأنف أو العين
الخضوع لعمليات جراحية في العين أو الأنف أو حتى الجيوب الأنفية، قد يسبب تشكل أنسجة ندبية أو تغييرًا في بنية العظام والأنسجة المحيطة بالقنوات الدمعية. هذه التغيّرات قد تعيق تدفق الدموع الطبيعي وتزيد من احتمال حدوث الانسداد، خاصة إذا لم تتم مراعاة مسارات القنوات الدمعية خلال الجراحة
الصدمات والإصابات المباشرة في الوجه
يمكن أن تؤدي الحوادث أو الإصابات القوية إلى كدمات أو كسور في عظام الوجه، بما في ذلك المنطقة المحيطة بالأنف والعيون. هذه الإصابات قد تُحدث خللاً في مسار القنوات الدمعية أو تسبب انسدادًا بسبب الضغط أو التندب الناتج عن التئام الأنسجة.
أهم الأسئلة الشائعة
هل انسداد القناه الدمعيه يؤثر على النظر؟
انسداد القناة الدمعية لا يؤثر عادةً بشكل مباشر على قوة النظر أو وضوح الرؤية، لكن في بعض الحالات قد يسبب أعراضًا مزعجة تؤثر على الراحة البصرية، مثل الدموع المستمرة، وتشوش مؤقت في الرؤية نتيجة تجمع الدموع أو الإفرازات على سطح العين. كما أن التهابات العين المتكررة الناتجة عن الانسداد قد تؤثر سلبًا على سطح القرنية مع مرور الوقت، ما قد يؤدي إلى مشاكل بصرية إذا لم يتم علاجها بالشكل المناسب. لذا، يُنصح بمراجعة طبيب العيون عند ظهور الأعراض لتقييم الحالة ومنع المضاعفات.
هل انسداد القناة الدمعية خطير ؟
في معظم الحالات، لا يُعد انسداد القناة الدمعية حالة خطيرة، خاصة إذا تم تشخيصها وعلاجها مبكرًا. لكنه قد يتحول إلى مشكلة صحية إذا تُرك دون علاج، إذ يمكن أن يؤدي إلى التهابات متكررة في العين، وتكوُّن خراج أو كيس دمعي، وقد تصل العدوى في بعض الحالات الشديدة إلى الأنسجة المحيطة بالعين، مما يستدعي تدخلًا طبيًا عاجلًا. لذلك، من المهم عدم إهمال الأعراض مثل الدموع المستمرة، أو الإفرازات الصديدية، أو التورم حول العين، ومراجعة طبيب العيون لتقييم الحالة والحصول على العلاج المناسب.
في الختام، من المهم عدم إهمال أي أعراض تشير إلى انسداد القناة الدمعية سواء لدى الأطفال أو الكبار، لتجنُّب تطور الحالة وحدوث مضاعفات مثل التهابات العين المتكررة أو ضعف الرؤية. يُنصح دائمًا باستشارة طبيب عيون متخصص لتحديد السبب بدقة واختيار العلاج الأنسب، سواء كان عبر الأدوية أو الإجراءات الجراحية البسيطة. تذكر أن التشخيص المبكر والعلاج السليم هما المفتاح للحفاظ على صحة العين وسلامة الرؤية.